إعـدام الليـدي جيـن غـراي و حياتها

( إعـدام الليـدي جيـن غـراي )
لوحة للفنان الفرنسـي بـول دولاروش هذه اللوحة تصوّر واحدة من أشهر عمليات الإعدام التي شهدتها انجلترا عام 1554م
والمرأة التي تظهر في اللوحة هي الليدي جين غراي التي تولّت عرش بريطانيا لبضعة أيّام ُوزجّ بها في السجن وُحكمت بالاعدام .
.

كانت الليدي غراي قد ترشحت لمنصب الملكه بناءا على وصية ابن عمها الملك ادوارد السادس،
لتصبح الملكه البروتستانتيه التاليه لانجلترا.
وبعد موت ادوارد تم تنصيب الليدي غراي ملكه إنفاذا للوصيه.
لكن اخت ادوارد الكاثوليكيه، ميري الأولى، لم تكن راضيه عن قرار شقيقها،
فأضمرت في نفسها خطه لإزاحة جين والجلوس مكانها ،
ولم تلبث أن أعلنت مطالبتها بالعرش على اعتبار أنها الأحق بذلك، بحكم أنها تتمتع بدعم الشعب والكنيسه.

وقد تنازلت الليدي جين غراي بمحض إرادتها عن العرش فعلا بعد أن حكمت انجلترا لمدة تسعة أيام فقط.
غير أن ميري بادرت بعد ذلك إلى سجن زوج الليدي جين غراي ووالده في برج لندن بعد اتهامهما بالخيانه العظمى.
ثم سارعت بإصدار أمرها بإعدام الليدي غراي التي كان عمرها في ذلك الوقت سبعة عشر عاما،
بالإضافه إلى إعدام زوجها وذلك بقطع رأسيهما.
ثم إعدام والد الزوج بعد ذلك بيومين وبنفس الطريقه.

هذا الفنان بول دولاروش اشتهر برسوماته التي صور فيها احداثا تاريخيه مهمة .
وقد رسم حادثة إعدام الليدي غراي بعد مرور ثلاثمائة سنه على وقوعها،
واعتمد في رسم اللوحه على بعض المصادر التاريخيه التي تحدثت عن الحادثه.
واللوحه تصور اللحظات الأخيره في حياة الليدي جين غراي،
أي وهي تساق إلى مكان الإعدام في إحدى غرف برج لندن.
وهو نفس المكان الذي سبق وأن أعدمت فيه كل من " آن بولين وكاثرين هاوارد زوجتي الملك هنري الثامن.
وتظهر الليدي في اللوحه وهي ترتدي فستانا من الساتان الأبيض بينما عصبت عيناها.
وقد جرت العاده في ذلك الزمان أن تجري عمليات الإعدام بعيدا عن أعين العامه وألا يشهدها سوى عدد قليل من الأشخاص.

يقال أن الليدي غراي عندما أخبرت بأنها ستصبح ملكه سقطت مغشيا عليها من أثر المفاجأه وترددت كثيرا في قبول المنصب.
وأثناء فترة سجنها بعثت برساله إلى ميري تطلب منها الصفح والغفران وتخبرها بأن رجال القصر خدعوها وغرروا بها.
وفعلا أمرت ميري بتجميد الحكم لبعض الوقت.
غير أن والد زوج الليدي أفسد كل شيء عندما قاد تمردا ضد الملكه تحت تأثير تعطشه للسلطه وطمعه في أن يكون لعائلته دور في حكم البلاد.

وماعقد الأمور أكثر تدخل ملك أسبانيا الكاثوليكي فيليب الثاني في القضيه.
إذ اشترط لإتمام زواجه من ميري أن تسارع إلى تصفية جميع البروتستانت الذين يثيرون المشكل ويتحينون الفرص للإنقضاض على حكمها.

في أسفل اللوحه، أي أمام الليدي، تظهر الخشبه التي يفترض أن يضع المحكوم رأسه عليها قبل التنفيذ،
وحولها تناثرت قطع من القش الذي وضع هناك ليقوم بوظيفته امتصاص دم الضحيه وتجفيف الأرضيه.

بعد مرور ربعمائة عام أوأكثر على اعدامها،
ماتزال شخصية الليدي غراي حية في الضمير الإنجليزي بما آلت إليه من نهايه مفجعه ومصير بائس.
حيث يرى الكثيرون انها قتلت غيله وظلما بعد ان تنازلت عن السلطه عن طيب خاطر وبمحض ارادتها.
لقد كانت الليدي غراي-بحسب بعض المؤرخين-شابه ذكيه وواعده لكنها لم تكن تملك امرها ومصيرها بيدها.
ومن سوء حظها أنها كانت مجرد حجر صغير في شطرنج السياسه ولعبة الصراعات والولاءات المتغيره في تلك الفتره المظلمه من تاريخ انجلترا.