المجنون بدو اجن منو . هيك بقولوا بحلب
1/9/2018, 7:30 pm
( نعيماً )
كان معلمُ الحمام ينادي على أجيرهِ و يستحثه لمتابعة خدمة الزبائن ، و يوصيه بتلبية طلباتهم من الشاي و القهوة و النارجيلة ، و قد تلفَّحوا بالمناشف بعد الفراغ من إستحمامهم ، متهيئين للإنصراف بارتداء ملابسهم ، و دفع أجرة الحمّام ، و صوت نافورة البركة المستديرة يدندن برتابة ناعمة على سطح ماءها ، تشاغب عليه القباقيب الخشبية بايقاعٍ فوضوي .
و في الداخل فوجٌ آخر من الزبائن يستحمُّون ، موزعون في خلواتٍ ، بعضهم منهمك بتلييف بدنه ، و آخرون بتفريكه ، و رؤوسٌ يغمرها الصابون الغار برغوته ، و قد غطى العينين فحجب الرؤيا عنها ، و تضيع الطاسة منه فيتلمَّسها ليجدها ، و عيناه مغمضتان ، و مياهٌ ساخنةٌ تتكفّل بازالة أدران المستحمين ؛ بعد تراكمها لإسبوعٍ و ربما أكثر ، و الجو العام تسوده غبطةُ مقولةِ ( الحمام نعيم الدنيا ) ، و ما من أحد يخطر بباله أن الجحيم ستُفتح أبوابها عليه ؛ بعد أن سمعوا صوت باب الحمام الخارجي يصفق بقوة ، جعلتهم تحت وطأة صدمةٍ أذهلتهم عندما اقتحم رجلٌ سُكوناً كان قد أرخى أعصابهم ؛ ليجعلها تنتفض و تفقدهم توازنهم ؛ بصياحه و شتائمه و هو يحمل سكِّيناً طويلاً يستعمله اللَّحامون في فرم اللحم لقطع ناعمة ، يتهددهم و يتوعدهم ، فبعثر شملهم و جعلهم يتناثرون كريش دجاج منتوف عصفت به الريح و اندفعوا يبحثون لهم عن مخرجٍ علَّهم ينجون بأرواحهم من همجية الوافد المجنون ، و ما عادوا يكترثون إلى ما يسترُ عوراتِهم ، فهرب من هرب و إستعصى الهروب على من بقي ، و علم من كان خارج الحمام بما حصل فاستنفروا عقولهم لتخليص العالقين ، و ما أفلحوا فقد جَبِنوا ان يخوضوا المعمعة في الداخل خوفاً من إصابتهم بأذى هم بغنى عنه ، و صادف أن مرَّ رجلٌ فأستغرب ما رأى و تساءل بدافع الفضول عما يحدث ، فأخبره أحد المتجمهرين أمام الحمام أن مجنوناً تسبب بالذعر في الداخل ، فأضاف الفضولي سؤالاً آخر عن شكل هذا الإرهابي ، و علم أنه يلبس شوالاً على جسده العاري ، و يمسك بيده سكِّيناً طويلاً ( سيخ معاش ) و يضع على رأسه طاسةً نحاسيةً ، فقال لهم ألبسوني ما يلبس ، فاستجابوا لمطلبه علَّه المنقذ المنتَظَر ، و لما تزيّا بزي المجنون و هو حافي القدمين حمل سكينه و اقتحم باب الحمّام بنفس إسلوبه ، و هو يصرخ بصوت أعلى من صوت المجنون ، و يكيل الشتائم و السباب بعصبيةٍ مخيفةٍ ، فقال أحدهم كنّا بواحدٍ فصرنا باثنين ، و بعد فترة ليست بالقصيرة و القلوب معلقةٌ بنتائج ما يترقّبون حصوله ، خرج المجنون الحقيقي و هو هادئ وديع ؛ يغطي ملامحه بُرقعُ الخوف و الدهشة ، و قد تخلّى عن سِكّينِهِ فخاف المتجمهرون ، إلا أن سَكينَتَه ردَّت عليهم طمأنينتهم عندما سمعوه يقول : يا جماعة إلحقوا في الداخل مجنون أمسكوا به قبل أن يصيب المستحمّين بأذى ، ثم انسحب من بين الحضور مبتعداً و هو يضرب كفاً بكف ، و يردد : اللهمَّ ثبِّت علينا العقل و الدين يا رب العالمين .
و لما أنهى المتطوع مهمته خرج إليهم بِزهوِ المنتصر ، فسألوه كيف تمكّنت مما فعلت ؟ فرد عليهم بقوله : ( المجنون يلزمه من هو أشدّ منه جنوناً ) و يقال باللهجة الحلبية ( المجنون بدو أجن منو ) .
كان معلمُ الحمام ينادي على أجيرهِ و يستحثه لمتابعة خدمة الزبائن ، و يوصيه بتلبية طلباتهم من الشاي و القهوة و النارجيلة ، و قد تلفَّحوا بالمناشف بعد الفراغ من إستحمامهم ، متهيئين للإنصراف بارتداء ملابسهم ، و دفع أجرة الحمّام ، و صوت نافورة البركة المستديرة يدندن برتابة ناعمة على سطح ماءها ، تشاغب عليه القباقيب الخشبية بايقاعٍ فوضوي .
و في الداخل فوجٌ آخر من الزبائن يستحمُّون ، موزعون في خلواتٍ ، بعضهم منهمك بتلييف بدنه ، و آخرون بتفريكه ، و رؤوسٌ يغمرها الصابون الغار برغوته ، و قد غطى العينين فحجب الرؤيا عنها ، و تضيع الطاسة منه فيتلمَّسها ليجدها ، و عيناه مغمضتان ، و مياهٌ ساخنةٌ تتكفّل بازالة أدران المستحمين ؛ بعد تراكمها لإسبوعٍ و ربما أكثر ، و الجو العام تسوده غبطةُ مقولةِ ( الحمام نعيم الدنيا ) ، و ما من أحد يخطر بباله أن الجحيم ستُفتح أبوابها عليه ؛ بعد أن سمعوا صوت باب الحمام الخارجي يصفق بقوة ، جعلتهم تحت وطأة صدمةٍ أذهلتهم عندما اقتحم رجلٌ سُكوناً كان قد أرخى أعصابهم ؛ ليجعلها تنتفض و تفقدهم توازنهم ؛ بصياحه و شتائمه و هو يحمل سكِّيناً طويلاً يستعمله اللَّحامون في فرم اللحم لقطع ناعمة ، يتهددهم و يتوعدهم ، فبعثر شملهم و جعلهم يتناثرون كريش دجاج منتوف عصفت به الريح و اندفعوا يبحثون لهم عن مخرجٍ علَّهم ينجون بأرواحهم من همجية الوافد المجنون ، و ما عادوا يكترثون إلى ما يسترُ عوراتِهم ، فهرب من هرب و إستعصى الهروب على من بقي ، و علم من كان خارج الحمام بما حصل فاستنفروا عقولهم لتخليص العالقين ، و ما أفلحوا فقد جَبِنوا ان يخوضوا المعمعة في الداخل خوفاً من إصابتهم بأذى هم بغنى عنه ، و صادف أن مرَّ رجلٌ فأستغرب ما رأى و تساءل بدافع الفضول عما يحدث ، فأخبره أحد المتجمهرين أمام الحمام أن مجنوناً تسبب بالذعر في الداخل ، فأضاف الفضولي سؤالاً آخر عن شكل هذا الإرهابي ، و علم أنه يلبس شوالاً على جسده العاري ، و يمسك بيده سكِّيناً طويلاً ( سيخ معاش ) و يضع على رأسه طاسةً نحاسيةً ، فقال لهم ألبسوني ما يلبس ، فاستجابوا لمطلبه علَّه المنقذ المنتَظَر ، و لما تزيّا بزي المجنون و هو حافي القدمين حمل سكينه و اقتحم باب الحمّام بنفس إسلوبه ، و هو يصرخ بصوت أعلى من صوت المجنون ، و يكيل الشتائم و السباب بعصبيةٍ مخيفةٍ ، فقال أحدهم كنّا بواحدٍ فصرنا باثنين ، و بعد فترة ليست بالقصيرة و القلوب معلقةٌ بنتائج ما يترقّبون حصوله ، خرج المجنون الحقيقي و هو هادئ وديع ؛ يغطي ملامحه بُرقعُ الخوف و الدهشة ، و قد تخلّى عن سِكّينِهِ فخاف المتجمهرون ، إلا أن سَكينَتَه ردَّت عليهم طمأنينتهم عندما سمعوه يقول : يا جماعة إلحقوا في الداخل مجنون أمسكوا به قبل أن يصيب المستحمّين بأذى ، ثم انسحب من بين الحضور مبتعداً و هو يضرب كفاً بكف ، و يردد : اللهمَّ ثبِّت علينا العقل و الدين يا رب العالمين .
و لما أنهى المتطوع مهمته خرج إليهم بِزهوِ المنتصر ، فسألوه كيف تمكّنت مما فعلت ؟ فرد عليهم بقوله : ( المجنون يلزمه من هو أشدّ منه جنوناً ) و يقال باللهجة الحلبية ( المجنون بدو أجن منو ) .
.
السعيد لا يملك كل شيء ، ولكنه يسعد بكل شيء يملكه.
http://mo7it.byethost11.com/
- بيلسانعضو نشيط
- رقم العضوية : 10
عدد المساهمات : 358
تاريــخ التســـجيل : 25/06/2016
البلد : Syris
التقييم و الاعجاب : 0
رد: المجنون بدو اجن منو . هيك بقولوا بحلب
1/9/2018, 9:56 pm
ههههههه
حلوة
حلوة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى