مقشش الكراسي ايام زمان

مقشش كراسي ... مقشش كراسي
حرفة سادت ثم بادت
في الصيف كان يجول في حاراتنا حرفي ينادي "مقشش كراسي ...مقشش كراسي "
وهو يحمل قفة معلقة على ذراعه فيها عدته اليدوية بكاملها ولوازمه , وعلى ظهره حزمة من حبال القش المبروم مربوطة في حبل ,
وفي يده سطل صغير فيه غراء عربي يسخنه ببقايا القش التالفة تراكمت على جوانبه بقايا الغراء فضاع شكله ,
يقوم بإصلاح الكراسي الخشبية وتغير قشها المهترئ وتغرية الاصابع التي تجمع ارجلها وتبديل المكسور منها وكان هناك نوعان منها كرسي القش الواطي وكرسي القش العالي ومنه قلطق القهاوي إضافة لكراسي الخيزران ,
وكان يطلب الينا عدم استخدامها حتى اليوم التالي كي تجف و تتماسك بعد اصلاحها وتغريتها ,
كان ينتحي جانباً من الحارة في ظل حائط شمالي رطب وبارد بعيداً عن مسار السابلة كي لايضايقهم ,
وكان اﻷطفال يجتمعون حوله للفرجة وهو يقشش الحبال التي يقوم بنقعها بالماء كي لاتتقصف ويسهل نسجها على وجه الكرسي ,
وغالباً ماتقدم له امهاتنا او جداتنا ممن يجدد لهن الكراسي طعام الغداء مما تيسر او بعضاً من الچاي وإبريق ماء للوضوء ,
وربما ترك عدته أمانة في احدى البيوت , ليستكمل عمله في اليوم التالي اذا لم ينهه ,
وعندما كنت رضيعاً ابن بضعة اشهر احضر لي والدي قلطقاً خشبياً مقششاً صغيراً صنعه الخراط مخصص للأطفال فكانوا يجلسوني به ويدخلون بشكل عرضي من خلال ثقب عصاً في مقدمته تحجزني وتمنعني من السقوط , وبعده بعشرات السنين اخترعت كراسي الاطفال "چيکو" ,
والكراسي المعدنية اولاً ثم الكراسي البلاستيكية لاحقاً , ومات عمي مقشش الكراسي وماتت تلك الحرفة التي كنا نرقب صانعها وهو يمارسها ونتعلم منه الكثير من الاشياء