الكاتب ادوارد سعيد. رحلة وطن
5/5/2021, 9:37 pm
"ادوارد سعيد" الوطن الراحل
(1 _ 11 _ 1935 القدس ***** 25 _ 9 _ 2003 نيويورك )
لم يقدّر له أن يبلغ السبعين.. رحلة بدأت مع الحياة عام 1935، حينما ولد "ادوارد سعيد" في مدينة القدس.. ومضى في رحلة الشتات مع أسرته.. في مصر حيناً، وفي لبنان حيناً آخر، قبل أن يحط الرحال مهاجراً إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
رحل "ادوارد سعيد" بعد صراع مع سرطان الدم دام اثني عشر عاماً. ولم يمنعه المرض من ممارسة عمله الفكري والأدبي.
إنه واحد من عمالقة الفكر في القرن العشرين، ليس على المستوى الفلسطيني والعربي فحسب، بل على المستوى العالمي.
لغات ثلاث كان "ادوارد سعيد" يتكلم بها ويفكر بها ويكتب بها: العربية لغته الأم، والفرنسية التي تعلمها في الصبا، والإنكليزية لغة الثقافة الأكاديمية التي احترفها.
إنه واحد ممن تنطبق عليهم المقولة: (مالئ الدنيا وشاغل الناس).
ولنتوقف عند أهم المحطات التي ميزت هذا المفكر الفلسطيني العربي الأصيل:
*****
1.
"ادوارد سعيد" واحد من قلّة من المفكرين الذين التزموا جانب القيم الأخلاقية في سلوكهم السياسي والفكري والأكاديمي، فلم يبيعوا قلمهم لسلطة سياسية أو تيار عارض، أو حاكم مستبد. وقد مثّلت حياته الفكرية والعملية هذا التيار الأخلاقي أصدق تمثيل. ويمكننا رصد ذلك في مواقفه السياسية خلال وجوده عضواً في المجلس الوطنى الفلسطيني لمدة 14 عاماً من 1977 حتى عام 1991. وقد استقال من عضوية هذا المجلس بسبب موقفه الرافض للتنازلات التي قدمتها القيادة الفلسطينية بدءاً من مدريد ومروراً بأوسلو وما تلاها من مسلسل تنازلات.
وكان "ادوارد سعيد" صريحاً وحاداً في انتقاده للسياسة غير المتوازنة التي لعبتها القيادة الفلسطينية والتي أدت إلى السقوط في فخ إثر آخر بعد الاتفاقيات العائمة والملغومة التي وقعتها السلطة الفلسطينية. واستمر "ادوارد سعيد" في موقفه الرافض لمسلسل التنازلات داعياً إلى أخذ الحق الفلسطيني كاملاً في دولة مستقلة ذات سيادة، وليس في كانتونات منعزلة متناثرة في الضفة والقطاع.
وقد أدى هذا الموقف إلى تعرض "ادوارد سعيد" لهجمات إعلامية وسياسية شديدة من المنظمات الصهيونية في أمريكا وفلسطين المحتلة. ووصفته تلك المنظمات بأنه (بروفيسور الإرهاب).
وقد استطاع "ادوارد سعيد" أن يخترق الطوق الإعلامي الغاشم الذي فرضه الصهاينة عليه. وبقي من أبرز المدافعين عن القضية الفلسطينية بلغة يفهمها الإنسان الأوروبي والأمريكي، لغة المثقف الواعي الموضوعي الذي يعرف كيف يقدم فكره بوضوح وشفافية وصدق.
وإذا كان المعروف عن العاملين في الحقل السياسي قدرتهم على المناورة وتغيير المواقف، فإن "ادوارد سعيد" بقي متمسكاً بقيمه الأخلاقية والوطنية والإنسانية خلال عمله السياسي النبيل والشريف.
*****
(1 _ 11 _ 1935 القدس ***** 25 _ 9 _ 2003 نيويورك )
لم يقدّر له أن يبلغ السبعين.. رحلة بدأت مع الحياة عام 1935، حينما ولد "ادوارد سعيد" في مدينة القدس.. ومضى في رحلة الشتات مع أسرته.. في مصر حيناً، وفي لبنان حيناً آخر، قبل أن يحط الرحال مهاجراً إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
رحل "ادوارد سعيد" بعد صراع مع سرطان الدم دام اثني عشر عاماً. ولم يمنعه المرض من ممارسة عمله الفكري والأدبي.
إنه واحد من عمالقة الفكر في القرن العشرين، ليس على المستوى الفلسطيني والعربي فحسب، بل على المستوى العالمي.
لغات ثلاث كان "ادوارد سعيد" يتكلم بها ويفكر بها ويكتب بها: العربية لغته الأم، والفرنسية التي تعلمها في الصبا، والإنكليزية لغة الثقافة الأكاديمية التي احترفها.
إنه واحد ممن تنطبق عليهم المقولة: (مالئ الدنيا وشاغل الناس).
ولنتوقف عند أهم المحطات التي ميزت هذا المفكر الفلسطيني العربي الأصيل:
*****
1.
"ادوارد سعيد" واحد من قلّة من المفكرين الذين التزموا جانب القيم الأخلاقية في سلوكهم السياسي والفكري والأكاديمي، فلم يبيعوا قلمهم لسلطة سياسية أو تيار عارض، أو حاكم مستبد. وقد مثّلت حياته الفكرية والعملية هذا التيار الأخلاقي أصدق تمثيل. ويمكننا رصد ذلك في مواقفه السياسية خلال وجوده عضواً في المجلس الوطنى الفلسطيني لمدة 14 عاماً من 1977 حتى عام 1991. وقد استقال من عضوية هذا المجلس بسبب موقفه الرافض للتنازلات التي قدمتها القيادة الفلسطينية بدءاً من مدريد ومروراً بأوسلو وما تلاها من مسلسل تنازلات.
وكان "ادوارد سعيد" صريحاً وحاداً في انتقاده للسياسة غير المتوازنة التي لعبتها القيادة الفلسطينية والتي أدت إلى السقوط في فخ إثر آخر بعد الاتفاقيات العائمة والملغومة التي وقعتها السلطة الفلسطينية. واستمر "ادوارد سعيد" في موقفه الرافض لمسلسل التنازلات داعياً إلى أخذ الحق الفلسطيني كاملاً في دولة مستقلة ذات سيادة، وليس في كانتونات منعزلة متناثرة في الضفة والقطاع.
وقد أدى هذا الموقف إلى تعرض "ادوارد سعيد" لهجمات إعلامية وسياسية شديدة من المنظمات الصهيونية في أمريكا وفلسطين المحتلة. ووصفته تلك المنظمات بأنه (بروفيسور الإرهاب).
وقد استطاع "ادوارد سعيد" أن يخترق الطوق الإعلامي الغاشم الذي فرضه الصهاينة عليه. وبقي من أبرز المدافعين عن القضية الفلسطينية بلغة يفهمها الإنسان الأوروبي والأمريكي، لغة المثقف الواعي الموضوعي الذي يعرف كيف يقدم فكره بوضوح وشفافية وصدق.
وإذا كان المعروف عن العاملين في الحقل السياسي قدرتهم على المناورة وتغيير المواقف، فإن "ادوارد سعيد" بقي متمسكاً بقيمه الأخلاقية والوطنية والإنسانية خلال عمله السياسي النبيل والشريف.
*****
.
السعيد لا يملك كل شيء ، ولكنه يسعد بكل شيء يملكه.
http://mo7it.byethost11.com/
رد: الكاتب ادوارد سعيد. رحلة وطن
5/5/2021, 9:37 pm
2.
برز "ادوارد سعيد" مثقفاً أكاديمياً من طراز رفيع. فلقد بقي لمدة أكثر من ثلاثين سنة أستاذاً للأدب المقارن في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت له آراؤه المستنيرة، ومواقفه المتميزة. وكتب في هذا المجال أكثر من عشرين كتاباً في الدراسات النقدية والأدبية.
وفي هذ المجال شكل "ادوارد سعيد" لنفسه منهجاً في النقد حاول من خلاله أن يكون جسراً للتبادل الثقافي والحضاري بين الثقافات الإنسانية. وطبق هذا المنهج بشكل حازم في دراساته وكتاباته. منطلقاً من أفق إنساني واسع يرى الجوهر الفكري للبشرية فوق كل الاعتبارات الطارئة، وقد تميزت كتاباته النقدية بالغزارة والعمق وسعة المعرفة والحسّ المبدع، ولم تكن مجرد كتابات أكاديمية جافة تعليمية تضاف إلى أعمال كثيرين ممن يمرون في العمل الأكاديمي، إنما كان "ادوارد سعيد" في منهجه النقدي داعية إلى التواصل الثقافي والحوار الحضاري وسط زحام الداعين إلى صراع الحضارات والرافضين للرأي الآخر.
وحتى في كتابه حول سيرته الذاتية الذي يحمل عنوان (خارج المكان) طبق "ادورد سعيد" منهجه النقدي وهو يرسم رحلة حياته من القدس إلى مصر إلى لبنان إلى الولايات المتحدة، إنها سيرة حياة شعب خرج من أرضه قسراً وقهراً ورحل في بلاد الدنيا ينتظر العودة. وها هو "ادوارد سعيد" يرحل رحلته النهائية من غير أن يعود إلى القدس- أرضه الحبيبة.
*****
3.
ترك "ادوارد سعيد" إرثا فكرياً مدوياً متفرداً من خلال مئات الدراسات الجريئة والمحاضرات والكتابات الصحفية واللقاءات الإعلامية.
ولكن أبرز ما يميز مواقفه الفكرية يمكن أن نلاحظه في كتابيه الهامين:
أ) كتاب (الاستشراق) الذي صدر عام 1978 وهو من أهم الكتب في هذا الميدان وقد كشف فيه الرؤية المنحازة المسبقة التي ينظر من خلالها الاستشراق إلى قضايا الشرق الفكرية والتاريخية. ولم يقع "ادوارد سعيد" في التعميمات العاطفية التي تنظر إلى الاستشراق بسلبية مطلقة، ولكنه استخدم منهجه النقدي الموضوعي في قراءة خلفيات الاستشراق فزعزع بذلك الأسس التي قام عليها الفكر الاستشراقي، تلك الأسس المبنية على تصورات خاطئة مسبقة. وقد أحدث هذا الكتاب دويّاً هائلاً وترجم إلى أكثر اللغات الحية في العالم. ونقل إلى العربية عدة مرات ، لعل افضلها في رأيي ترجمة الباحث السوري "كمال أبو ديب".
ب) كتاب (الثقافة والامبريالية) الذي أصدره عام 1994 بعد إصابته بالمرض. وفي هذا الكتاب يرصد "ادوارد سعيد" حركة الامبراطوريات الاستعمارية الكبرى، والمدّ الكولونيالي المرافق عادة بغطاء فكري وثقافي يحاول شرعنة الاحتلال وإيجاد المبررات القانونية والأخلاقية له.
ومن هذا المنطلق كانت الكتابات الأخرى لـ"ادورد سعيد" في الهوية الفلسطينية ورفضه القاطع لاتفاقيات أوسلو، وقد أثبتت الأيام صحة نظرته. ومن هذا المنطلق رفض "ادوارد سعيد" -وهو الذي يحمل الجنسية الأمريكية- الاحتلال الأمريكي للعراق، وخاض في ذلك معارك كلامية مع أنصار هذا الاحتلال من صغار المثقفين العراقيين والعرب. وتعرض لهجمات دنيئة من قبل بعض الأقلام الرخيصة.
*****
4.
وفوق ذلك كله كان "ادوارد سعيد" باحثاً موسيقياً كبيراً وعازفاً محترفاً على البيانو، وقد ترك عدة كتب في مجال التاريخ الموسيقي والبحث الموسيقي.
إنها خسارة كبرى للقضية الفلسطينية وللحضارة العربية والإنسانية.. ولكنها رحلة الحياة...
لقد تركت أيها الراحل الكبير بصمات لن تمحى في جبين الفكر الإنساني والحضارة البشرية.
*****
برز "ادوارد سعيد" مثقفاً أكاديمياً من طراز رفيع. فلقد بقي لمدة أكثر من ثلاثين سنة أستاذاً للأدب المقارن في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت له آراؤه المستنيرة، ومواقفه المتميزة. وكتب في هذا المجال أكثر من عشرين كتاباً في الدراسات النقدية والأدبية.
وفي هذ المجال شكل "ادوارد سعيد" لنفسه منهجاً في النقد حاول من خلاله أن يكون جسراً للتبادل الثقافي والحضاري بين الثقافات الإنسانية. وطبق هذا المنهج بشكل حازم في دراساته وكتاباته. منطلقاً من أفق إنساني واسع يرى الجوهر الفكري للبشرية فوق كل الاعتبارات الطارئة، وقد تميزت كتاباته النقدية بالغزارة والعمق وسعة المعرفة والحسّ المبدع، ولم تكن مجرد كتابات أكاديمية جافة تعليمية تضاف إلى أعمال كثيرين ممن يمرون في العمل الأكاديمي، إنما كان "ادوارد سعيد" في منهجه النقدي داعية إلى التواصل الثقافي والحوار الحضاري وسط زحام الداعين إلى صراع الحضارات والرافضين للرأي الآخر.
وحتى في كتابه حول سيرته الذاتية الذي يحمل عنوان (خارج المكان) طبق "ادورد سعيد" منهجه النقدي وهو يرسم رحلة حياته من القدس إلى مصر إلى لبنان إلى الولايات المتحدة، إنها سيرة حياة شعب خرج من أرضه قسراً وقهراً ورحل في بلاد الدنيا ينتظر العودة. وها هو "ادوارد سعيد" يرحل رحلته النهائية من غير أن يعود إلى القدس- أرضه الحبيبة.
*****
3.
ترك "ادوارد سعيد" إرثا فكرياً مدوياً متفرداً من خلال مئات الدراسات الجريئة والمحاضرات والكتابات الصحفية واللقاءات الإعلامية.
ولكن أبرز ما يميز مواقفه الفكرية يمكن أن نلاحظه في كتابيه الهامين:
أ) كتاب (الاستشراق) الذي صدر عام 1978 وهو من أهم الكتب في هذا الميدان وقد كشف فيه الرؤية المنحازة المسبقة التي ينظر من خلالها الاستشراق إلى قضايا الشرق الفكرية والتاريخية. ولم يقع "ادوارد سعيد" في التعميمات العاطفية التي تنظر إلى الاستشراق بسلبية مطلقة، ولكنه استخدم منهجه النقدي الموضوعي في قراءة خلفيات الاستشراق فزعزع بذلك الأسس التي قام عليها الفكر الاستشراقي، تلك الأسس المبنية على تصورات خاطئة مسبقة. وقد أحدث هذا الكتاب دويّاً هائلاً وترجم إلى أكثر اللغات الحية في العالم. ونقل إلى العربية عدة مرات ، لعل افضلها في رأيي ترجمة الباحث السوري "كمال أبو ديب".
ب) كتاب (الثقافة والامبريالية) الذي أصدره عام 1994 بعد إصابته بالمرض. وفي هذا الكتاب يرصد "ادوارد سعيد" حركة الامبراطوريات الاستعمارية الكبرى، والمدّ الكولونيالي المرافق عادة بغطاء فكري وثقافي يحاول شرعنة الاحتلال وإيجاد المبررات القانونية والأخلاقية له.
ومن هذا المنطلق كانت الكتابات الأخرى لـ"ادورد سعيد" في الهوية الفلسطينية ورفضه القاطع لاتفاقيات أوسلو، وقد أثبتت الأيام صحة نظرته. ومن هذا المنطلق رفض "ادوارد سعيد" -وهو الذي يحمل الجنسية الأمريكية- الاحتلال الأمريكي للعراق، وخاض في ذلك معارك كلامية مع أنصار هذا الاحتلال من صغار المثقفين العراقيين والعرب. وتعرض لهجمات دنيئة من قبل بعض الأقلام الرخيصة.
*****
4.
وفوق ذلك كله كان "ادوارد سعيد" باحثاً موسيقياً كبيراً وعازفاً محترفاً على البيانو، وقد ترك عدة كتب في مجال التاريخ الموسيقي والبحث الموسيقي.
إنها خسارة كبرى للقضية الفلسطينية وللحضارة العربية والإنسانية.. ولكنها رحلة الحياة...
لقد تركت أيها الراحل الكبير بصمات لن تمحى في جبين الفكر الإنساني والحضارة البشرية.
*****
.
السعيد لا يملك كل شيء ، ولكنه يسعد بكل شيء يملكه.
http://mo7it.byethost11.com/
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى