اذا اردت شيئا حاول اخذه و لا تبقى صامتا

قصة ابو سمعو و عبد السلام

ينصرف ابو سمعو الى البيت مساء ،ويضع العربة قرب باب البيت ،يدخل ويحضر كرسيين من البلاستيك الابيض ،يضعهما على الباب ،فيجلس مع عبد السلام ،يصيح ابو سمعو ،لأهل بيته :
- ساووا شاي
يأتي صوت نسائي من الداخل :
- حاضر بابا
يقول ابو سمعو:
- الله يرضى عليها ،عندي سمية احن اولادي ،بتنط متل النشابة وقت بدي شغله.
عندما يسمع عبد السلام اسم سمية يرقص قلبه فرحا .
لأن عبد السلام ينوي خطبتها ، لكن امه ( ام عبدو )،لاتحب ام سمية وتسميها ام قويق.
اجابته ذات مرة :
- لن اخطب لك بنت ام قويق ،فكر في فتاة اخرى انا مابطيق هالجماعة .
لايدري عبد السلام بمشاعر الفتاة ،هل ستقبل به ياترى ؟! ،هل سترفضه ياترى ؟!
كل مايعرفه ان قلبه يخفق عندما يراها ،وتسرع سمية الخطا هربا منه ،وكل مايعرفه ايضا ان الفتاة تهرب حبا وحياء .
يحدث نفسه
-لعلها تحبني ! ...انت اكرم من الله؟ ! ..حاشا لله
ماهو متأكد منه هو أن قلبه يخفق عندما يذكر اسمها ،ويحب ان يجالس ابو سمعو عند باب البيت.
يأتي الشاي الى وراء الباب ،يستلمه ابو سمعو من ابنته بحذر ،ثم يقول لها :
- سامو ..جيبيلنا ابريق مي بوظ وكاستين نضاف الله يحن عليكي .
اكتشف عبد السلام ان اسم الدلع لها هو سامو ،فأضافه الى الاسماء التي يحبها .

قرر عبد السلام ان يخطبها من ابو سمعو ،فصار يساعده في سحب العربة ودفعها الى وجهتها بلا مقابل ،اخبره انه أحبه في الله ،وهل في كل الحارة من لايحب ابو سمعو؟ .
ابو سمعو رجل علمته الايام كثيرا ،متوسط الطول حاذق لايتلفظ بالبذاءة ،يستمع لمن هو اكثر منه علما ويعتبر نفسه جاهلا وعليه ان يتعلم ،وهذا هو مفتاح العلم الحقيقي .
يقف عبد السلام كل يوم امام مرآتة المشروخة المنتصف ويحدثها كأنه يحدث ابو سمعو :
- عمو ابو سمعو ...أاأ..انا حبيت بنتك
يجيب نفسه :
- يحبك برص ...رو انقلع من هون ،تضرب بهل منظر !
هذه فكرة سيئة ،دعني اقول له اليوم :
- والله ياعمي ابو سمعو انتو جماعة طيبين واصايل ،وبدي اطلب ايد المحروسة سمية الله يستر عليها .
يجيب نفسه :
- احسنت ! ..بهذه الطريقة تخطب البنات في حلب ،عليك ان تتحدث عن الاصل الطيب ونبل المحتد والرغبة في بناء اسرة وانجاب اولاد صالحين ...ماعنا حب وماحب واكل هوا !.
يجمع ويضرب ويقسم عبد السلام ويحسب كل يوم ،يلخص اقواله ويقنن النتائج ،لكن شجاعته تخونه كل مرة ،فلا يستطيع لوحده خطبة سمية ،وكلما قرر ان يتكلم ،يأتي زبون ويقطع عليه الكلام في الموضوع .
مضى ثلاثين يوما ،وعبد السلام يساعد عمه ابو سمعو ،ينصرف عبد السلام من الشغل ويبحث عنه في شوارع حلب ،فهو يعرف اين يجده ، ويجر له العربانة ،ثم يعودان معا الى الحارة عند المساء .
وفي اليوم الثلاثين ذاكر عبد السلام اقواله جيدا امام المرآة المشروخة المنتصف ،وقرر ان يفتح الموضوع حتى لو جاء الى البسطة مائة زبون ،هو يطرق البيت من بابه ولايأتي عبر الأساطيح- لاسمح الله- كما يقولون .
كان يدفع العربة مطرقا رأسه نحو الارض يديه ممدودتين وجسمه يميل خمسة واربعين درجة ،ووجهه يسامت الاسفلت ،وتبرز عضلاته من تحت ال ( تي شيرت ) ويرى الاسفلت يذهب الى الخلف بحركة انسحابيةمستقيمة ،و في غمرة افكاره تخيل نفسه ثابت بينما الاسفلت هو الذي يتحرك نحو الخلف ،تدور في رأسه الافكار بسرعة ،توقف فجأة وقال :
- عمو ابو سمعو ،بدي احكي معك بموضوع !
قاطعه ابو سمعوا :
- منيح ذكرتني قبل ماانسى ،اليوم جيب امك اختي ام عبدو وتعو لعنا لأنو اليوم خطبة سمية ،أجاها ابن حلال ورح نقرا الفاتحة المسا .
صمت عبد السلام ،وعاد واطرق وصار يدفع العربة بعنف ،وسبق ابو سمعو بعشرة امتار ،ثم استدار اليه وقال :
- امشي على مهلك انا رح اسبقك ع البيت ،رح اترك العربانه ع باب الصقاق .
تسارع الاسفلت من تحت قدميه ،وكانت الطريق تطوى طيا .

في الليل خرج عبد السلام مع امه من بيت ابو سمعو بعد ان قرأ الفاتحة لخطبة سمية الى شاب آخر ،ولم يستطع اخفاء حزنه ،وعلى الباب ودعه ابو سمعو ،مسك يد عبد السلام بكلتا يديه ،ثم قبله من جبينه :
- كلشي نصيب لك ياابني ،وليتك تكلمت منذ شهر !
ذهل عبد السلام وسأله :
- وهل كنت تعلم انني ارغب بخطبتها .
- نعم ،وكنت اتمنى لو انك امتلكت الجرأة وفتحت الموضوع ،انتظرتك شهر كامل وانت تدفع العربة لي في شوارع حلب ،لكنك لم تنطق حتى فات الاوان .
تعلّم يابني اذا اردت شيئا فعليك ان تحاول ان تأخذه ويجب الا تبقى صامتا ،فإن اخذته حققت ماتصبو اليه نفسك ،وإن لم تستطع اخذه فسيكون هذا الشيئ ليس من نصيبك .

اغتم رياحك فورا و لا تتردد