حضارة قرطاج و ملكتهم اليسا

حضارة قرطاجة
تقع مدينة قرطاج في واحد من أجمل المواقع في العالم والذي يقدم لها العديد من المزايا الكافية لتطورها كعاصمة ولحماية مجدها الصاعد ....... وتقول الروايات بأن الأميرة الفينيقية ( عليسة – أليسا ) قد أتت إلى سواحل أفريقيا وذلك عام ( 814 ) ق.م هاربة من بطش اخيها الذي اغتال زوجها وذلك بعد نزاعهما حول السلطة في صور وبأن هذه الأميرة الفينيقية ( أليسا ) قامت بتأسيس مدينة قرطاج التي إستمرت كدولة و كإمبراطورية إلى أن قام الرومان عام ( 146 ) ق.م بتدميرها بشكل كامل .
جاءت تسمية قرطاج من اللغة الفينيقية ( قرت حد شت ) وتعني المدينة الحديثة . وقد تمت تسميتها بالمدينة الحديثة وذلك لأنه تم بناؤها بالقرب من مدينة فينيقية قديمة جداً كان قد تم بناؤها عام ( 1100 ) ق.م وإسمها ( اوتيكا او عتيقا ) والتي تعني المدينة العتيقة وتبعد عن قرطاج حوالي ( 30 ) كلم .
حافظ القرطاجيون بشكل تام على التقاليد الفينيقية في إمبراطوريتهم الناشئة عام ( 814 ) ق.م. وكانت شهرتهم كتجار ليس لها مثيل ....... وقد اقاموا علاقات تجارية جيدة ومتبادلة مع كل سكان المنطقة وتكاثر عدد سكانها بسبب ذيوع شهرتها واصبحت قرطاج مدينة كبيرة و مزدهرة بحيث استطاعت ان تسيطر ( لعدة قرون ) على معظم المدن التجارية الواقعة على شواطىء المتوسط التي إنحصرت فيما بينها جميع أنواع التجارة العالمية مابين آسيا وأوربا وأفريقيا ........
مارست قرطاج ( منذ تاسيسها ) نشاطاً تجارياً ورثته عن الفينيقيين يتمثل في جلب البضائع المتنوعة من معادن ومنتوجات فلاحية , كما تعددت الحرف الصناعية عند القرطاجيين فصهروا المعادن لصناعة المصوغ والتحف ومختلف الأدوات كالسفن التجارية والحربية والأسلحة والنسيج والخزف والفخار ..... وقد سيطرالقرطاجيون على المسالك البحرية التجارية في المتوسط وكذلك في المحيط الأطلسي وتوصلوا إلى تأسيس العديد من المراكز التجارية على شواطىء المتوسط , كما قاموا ابتداءً من القرن الرابع ق.م في تنويع مصادرمواردهم فأنشأوا قرى فلاحية كبرى واعتنوا بغراسة الزيتون والكروم والرمان و تربية المواشي ......... كما أن قرطاج قد ضربت عملة خاصة بها خلال النصف الأول من القرن الرابع ق.م .
في عام ( 753 ) ق.م برز كيان جديد في شبه الجزيرة الإيطالية تحت اسم روما ...... ودخلت روما حلبة الصراع العالمي في منافسة قرطاج لأعمالها التجارية في منطقة المتوسط مما أدى لاحقاً إلى نشوب سلسلة من الحروب اشتهرت باسم الحروب البونية ( 264 – 146 ) ق.م. ولعل أشهرها الحرب البونية الثانية التي قامت مابين عامي ( 218 – 202 ) ق.م. والتي قام خلالها هنيبعل بعبور سلسلتي جبال البيرينيه في ( إسبانيا ) وجبال الألب في ( سويسرا ) مع كامل جيشه ومحاصرة روما .
الحروب القرطاجية – الرومانية ( البونية ) :
إن السبب الرئيسي للحروب البونية الثلاثة التي إستمرت مابين عامي ( 264 – 146 ) ق.م. هو تصادم مصالح التجارة والسيطرة الإقتصادية مابين الإمبراطوريتين القرطاجية والرومانية الآخذتان في التوسع وأخذت هذه الحروب أبعادها العسكرية عندما بدأ الرومان بإحتلال صقلية التي كانت تقع تحت سيطرة القرطاجيين .

في بداية الحرب البونية الأولى كانت قرطاج هي القوة المهيمنة على البحر المتوسط بإمبراطورية بحرية متوسعة وذلك في حين كانت قوة روما آخذة في الصعود والاستيلاء السريع على السلطة في إيطاليا ...... وبحلول نهاية الحرب البونية الثالثة وبعد مقتل مئات الآلاف من جنود الجانبين استولى الرومان على إمبراطورية قرطاج ودمروا مدينة قرطاج بالكامل .
وقد تزامن تدمير قرطاجة مع نهاية الحروب المقدونية ( 192 – 188 ) ق.م وهزيمة الإمبراطور السلوقي أنطيوخوس الثالث في الحرب الرومانية السورية وسيطرة الرومان على شرقي البحر الأبيض المتوسط ........ الأمر الذي أدى بالتالي إلى إنتقال الحضارة المتوسطية القديمة بكاملها إلى أوروبا بوصفها القوة المهيمنة في البحر المتوسط وأصبحت ( روما ) أقوى مدينة في العالم القديم .
إكتشاف القرطاجيين للقارة الأمريكية :
امتلك القرطاجيون مهارات عالية في بناء السفن التي استخدموها للسيطرة البحرية طوال قرون، كما عرفوا بمهارتهم و خبرتهم في خوض غمار البحار، فسعوا لإكتشاف أسواق وآفاق جديدة فأبحروا صوب الأماكن المجهولة في تلك العهود والتي كان من أهمها ( رحلـة هملكـون - رحلـة ماغـون - رحلـة حانـون - رحلـة روتان ). وقد ذكر المؤرخ الإغريقي ديودورس عام 100 ق.م أنّ القرطاجيين كانوا يعرفون جزيرة هائلة بعيدا جدّا في المحيط الأطلسي توجد فيها جبال كثيرة و أنهار عريضة وبأن هذه الجزيرة كانت مصدر ثرواتهم لذلك كانوا يخفون سرها ويذكر أن القرطاجيين عثروا على تلك الجزيرة صدفة عندما خرجت أحد سفنهم التجارية ( التي كانت تبحر أسفل الساحل الأطلسي الأفريقي ) عن مسارها بسبب عاصفة ......... وقد وجدت في أماكن عديدة في أميركا الشمالية والجنوبية وفي كندا والولايات المتحدة و باراغواي و البرازيل و المكسيك و الأرجنتين فخاريات و أدوات نحاسية و برونزية و أسلحة و نقوش قرطاجية وقوارير الاصفورة ذات العروتين والعنق الضيق ( القرطاجية الصنع ) تعود كلها لفترة مابين ( 350 - 320 ) قبل الميلاد ....... كما تم العثور على قطعة نقود ذهبية فينيقية توجد في اسفلها ( خارطة ) يظهر فيها العالم القديم والبحر المتوسط واوربا و بريطانيا واسيا والأمريكيتين ........ ولقد كان العالم يعتقد لعدة سنوات بأن الاشكال في اسفل هذه الخارطة هي احرف فينيقية إلى أن لاحظ العالم الأمريكي ( مارك مامينامن ) بأنها خارطة العالم القديم حسب مخططات القرطاجيين القديمة .
===========================