تحية لكل عمال النظافة في العالم

ﻟﻢ ﺃﺧﺒﺮ ﺃﺑﻨﺎﺋﻲ ﻳﻮﻣﺎ ﻋﻦ ﻭﻇﻴﻔﺘﻲ .
ﻟﻢ ﺃﺭﻏﺐ ﻓﻲ ﺟﻠﺐ ﺍﻟﻌﺎﺭ ﻟﻬﻢ ﺍﻭ ﺍﺣﺴﺎﺳﻬﻢ ﺑﺎﻟﺨﺰﻱ ﻭﺍﻟﺪﻭﻧﻴﺘﻲ ﺑﺴﺒﺒﻲ . ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺄﻟﻨﻲ ﺃﺻﻐﺮ ﺑﻨﺎﺗﻲ ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻲ . ﻛﻨﺖ ﺃﺧﺒﺮﻫﺎ ﺑﺘﺮﺩﺩ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻧﻨﻲ ﻋﺎﻣﻞ . ﻗﺒﻞ ﻋﻮﺩﺗﻲ ﻟﺒﻴﺘﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻛﻨﺖ ﺍﻏﺘﺴﻞ ﻓﻲ ﺩﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺴﺘﻨﺞ ﺑﻨﺎﺗﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻋﻤﻠﻲ .
ﺃﺭﺩﺕ ﻟﺒﻨﺎﺗﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﺮﻳﻤﺔ ﺃﺭﺩﺕ ﺍﻟﺤﻘﺎﻫﻢ ﺑﺎﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻭﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻢ . ﺃﺭﺩﺕ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻌﺰﺓ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ . ﻟﻢ ﺃﺭﻏﺐ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﻘﺮﻫﻢ ﺃﺣﺪ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻣﻌﻲ . ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﺃﻫﺎﻧﻨﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ .
ﺍﺳﺘﺜﻤﺮﺕ ﻛﻞ ﻓﻠﺲ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻲ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺑﻨﺎﺗﻲ . ﻟﻢ ﺍﺷﺘﺮ ﻳﻮﻣﺎ ﻓﺎﻧﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﻟﺸﺮﺍﺀ ﻛﺘﺐ ﻟﻬﻦ ..
ﻛﻞ ﻣﺎ ﺭﻏﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻨﺎﻟﻮﺍ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ . ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﺧﺮ ﻳﻮﻡ ﻟﺪﻓﻊ ﻣﺼﺎﺭﻳﻒ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﻟﻢ ﺍﺳﺘﻄﻊ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻣﺼﺎﺭﻳﻒ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ .. ﻟﻢ ﺃﺳﺘﻄﻊ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ،
ﺟﻠﺴﺖ ﺑﺠﻮﺍﺭ ﺍﻟﻘﻤﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻤﺨﻠﻔﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﺟﺎﻫﺪﺓ ﻟﺤﺒﺲ ﺩﻣﻮﻋﻲ ﻭﺍﺧﻔﺎﺋﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ . ﺟﻤﻴﻊ ﺯﻣﻼﺋﻲ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺨﺎﻃﺒﻨﻲ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ .
ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺷﻌﺮﺕ ﺑﺎﻟﻌﺠﺰ ﻭﺍﻟﻘﻬﺮ ﻭﺃﻧﺘﻲ ﻓﺸﻠﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺣﻠﻢ ﺑﻪ ﻟﺒﻨﺎﺗﻲ .. ﻛﻴﻒ ﺳﺄﻭﺟﻬﻬﻦ ﺣﻴﻦ ﺃﻋﻮﺩ ﻟﻠﺒﻴﺖ ﺑﺪﻭﻥ ﻣﺼﺎﺭﻳﻒ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ .
ﻟﻘﺪ ﻭﻟﺪﺕ ﻓﻘﻴﺮًﺍ ﻭﻛﻨﺖ ﺃﺅﻣﻦ ﺑﺄﻥ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﻻ ﺗﺤﺪﺙ ﻟﻠﻔﻘﺮﺍﺀ ﻣﺜﻠﻲ . ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﻛﻞ ﺯﻣﻼﺋﻲ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ‏( ﺍﻟﺰﺑﺎﻟﻴﻦ ‏) ﺳﺄﻟﻮﻧﻲ ﻫﻞ ﺗﻌﺒﺮﻧﺎ ﺍﺧﻮﺓ ﻟﻚ ؟
ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﺟﻴﺒﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻤﺪﻭﻥ ﻟﻲ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﺑﺪﺧﻠﻬﻢ ﻛﺎﻣﻠًﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ . ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﻓﻀﺖ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﻣﻨﻬﻢ ﻗﺎﻟﻮ ﻟﻲ ﺟﻤﻴﻌﺎ " ﺳﻨﻤﻮﺕ ﺟﻮﻋًﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻟﻜﻦ ﺍﺑﻨﺘﻨﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ."
ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻟﻢ ﺍﻏﺘﺴﻞ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﻤﻼﺑﺴﻲ ﻛﻌﺎﻣﻞ ﻧﻈﺎﻓﺔ .
ﻗﺮﻳﺒﺎ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﺳﺘﻨﺘﻬﻲ ﻣﻦ ﺩﺭﺍﺳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ .. ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻨﻬﻦ ﻻ ﻳﺪﻋﻮﻧﻲ ﺃﻋﻤﻞ ﺛﺎﻧﻴﺔ .
ﺍﺑﻨﺘﻲ ﺍﻵﻥ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺑﺪﻭﺍﻡ ﺟﺰﺋﻲ ﻭﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻷﺧﺮﻳﺎﺕ ﻳﺪﻓﻌﻮﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﺭﻳﻒ .
ﻟﻜﻦ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﺗﺄﺧﺬﻧﻲ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﻞ ﻋﻤﻠﻲ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻭﺗﻄﻌﻢ ﺟﻤﻴﻊ ﺯﻣﻼﺋﻲ ﻋﺎﻣﻠﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ﻫﻨﺎﻙ .
ﺯﻣﻼﺋﻲ ﻳﻀﺤﻜﻮﻥ ﻭﻳﺴﺄﻟﻮﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻄﻌﻤﻬﻢ . ﻭﻫﻲ ﺗﺠﻴﺐ : " ﺟﻤﻴﻌﻜﻢ ﺗﻀﻮﺭﺕ ﺟﻮﻋًﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻣﺼﺎﺭﻳﻒ ﺩﺭﺍﺳﺘﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﺎ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﺍﺩﻋﻮ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﺍﻃﻌﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ "
ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﺃﺷﻌﺮ ﺑﺄﻧﻲ ﺭﺟﻞ ﻓﻘﻴﺮ .
ﻛﻴﻒ ﻟﺮﺟﻞ ﻟﺪﻳﻪ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻘﻴﺮًﺍ

قصة حلوة كتير

تحية لكل العاملين في مجال نظافة البلاد