الحب و الصبر و الدعاء يصنع المعجزات

لقد أحبّ أحد اقربائي فتاة من عشيرة أخرى ، حتى أوشك على فقدان عافيته بعد أن رفضه أهلها بحجة أن ابناء عشيرتها هم أجدر بها وأنهم لا يغربوا بناتهم ، لقد بكى على كتف جدّي يرجوه أن يجد له حلا ، لا زلت أسمع أنين قلبه ، بعث جدّي مرسالا لأهلها بأنه وحشد من الرجال قادمون لخطبتها ، ليأتي جواب والدها بأنه قد تم عقد قرانها على احد أقاربها منذ يومين ولا حاجة لقدوم جدّي ومن معه !
عندما سمع أيمن خبر خطبتها جنّ وصرخ ومزق قميصه وضرب رأسه بجذع شجرة حتى سال دمه ، كان والده يشتمه ويوبخه بأنه ليس رجلا وأمه تبكي وتدعو على من أوصله لهذا الحال ، أما جدّي فقد أمر الجميع بالرحيل وأخبرهم بأن أيمن سيبقى برفقته لحين تحسن حاله ، أشار لي أن أصحبه للمضافة كي يرتاح وفي هذه الأثناء وبخ والده وقال له : نحن لا نملك قلوبنا والحب رزق يوزع على القلوب فلا تكلفوه ما لا طاقة له به ..
استلقى أيمن ورفض الأكل أو الشرب لمدة اليوم الذي تركه فيه جدّي لوحده..وفي اليوم التالي دخل جدّي عليه فوجده مرميا على الأرض كورقة خريف ..اقترب منه واحتضنه وقال له : هل تحبها لهذا الحد ؟
اشتد بكاؤه وقال : لا أتخيل حياتي دونها ولن أطيق امرأة بعدها ..ابتسم جدّي وردّ عليه ولكن الأيام كفيلة بأن تنسيك إياها ، نهض من حضن جدّي وأقسم بأنه لن ينساها حتى مماته ، قال له جدّي : أعد كلامي من بعدي ( اللهم دبر لي فإني لا أحسن التدبير وإن كان في قربها خيرا فاجمعني بها ولو بعد حين وإن كان في قربها شر فباعد بيننا وآت كل واحد منا من فضلك يا أرحم الراحمين )
يا الهي ما أن أنهى أيمن هذه العبارة حتى هدأ وطلب مني ماء..سارعت لاحضار الماء والشراب والطعام له ..
طلب منه جدّي أن يستغفر ويتوضأ ثم يصلي ويكرر الدعاء وهو متيقن بأن ما قدره الله الخير وإن لم يعجبنا..
بالفعل رفض أيمن الزواج وأكمل دراساته العليا ، وكان دائم الدعاء لها ويذكرها بالخير ويتتبع أخبارها ، لقد كان أيمن بالنسبة لي مثالا عظيما على قلب عاشق مخلص ولا زال ، مرّت أربعة أعوام على زواجها ولم تنجب من زوجها ، فقرر الزواج لأجل الانجاب لكنها رفضت البقاء على ذمته واختارت الطلاق رغما عن الكل ، كنت في السادسة عشرة من عمري آنذاك ، طرق أيمن الباب وكان في أبهج حلّة وسأل أين جدّنا ؟ قلت له : تحت شجرة الزيتون هو وجدّتي ، اذهب لهما وسآتي لكم بالشاي ، صرخ في وجهي وقال : بل ستأتين معي لا أريد شايا ،ذهبنا لجدّنا الذي احتضن أيمن بمحبة غامرة ، ثم قبل يد جدتي ورأسها ، وأعلن لقد تحررت عبير من زوجها ، وانتظرت اخباركما لحين انتهاء عدتها ، أريدها يا جدّي أريدها !
كم ضحكت وبكيت وقتها ، أمسك يدّ جدّي وقال : هيا اخطبها لي ..
ابي موافق ولكنّ أمي قاطبة الحاجبين ، رافضة خطبتي لها بحجة كيف لي أن أرتبط بفتاة سبق لها الزواج وأنا لم يسبق لي ، علاوة على انها لم تنجب !
ابتسم جدّي وقال : لا تقلق سنغسل دماغ أمك ولكن دعنا نخبر أهلها بقدومنا ، قال : اخبرتهم هي ! نظر جدّي له وقال : اخبرتهم هي وهل تتواصلان ؟ ردّ : وكيف لعاشقين يا جدّي أن لا يتواصلا بعد تحريرهما وأشهد الله أننا طوال زواجها لم نتواصل أبدا..
ابتسم جدّي وقال : لهذا وفقكما ربي وجمعكما من جديد ..
تمت خطبة أيمن على عبير وبعد أسبوع فقط تزوجا لم يطق أيمن ان تطول خطبتهما ، وغسل جدّي دماغ أم أيمن بالاقناع وضرب لها مثلا ماذا لو أن ابنتها هي من انفصلت ولم تنجب أهذا يُعيبها ؟!
الطريف جدا في الأمر أن عبير حملت من أيمن بعد مرور شهر واحد فقط على زواجهما وكأن الله أوصد باب رحمها عن غيره ! سبحان الله !!
الحب يا جماعة يصنع المعجزات ..لكن تعالوا لأقول لكم ، ليس بالضرورة اجتماع الشتيتين بعد الفراق ، يبقى الله أعلم بوجوب ذلك من عدمه ولله في خلقه شؤون !
يا عيني على الحب !

و من الحب ما قتل

ﺍﺑﺘﺴﻢ ﺟﺪّﻱ ﻭﻗﺎﻝ : ﻟﻬﺬﺍ ﻭﻓﻘﻜﻤﺎ ﺭﺑﻲ ﻭﺟﻤﻌﻜﻤﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ